كريمة أبو العينين تكتب: سجن الروح فى البدن

شكرًا لكم على متابعة كريمة أبو العينين تكتب: سجن الروح فى البدن وللمزيد من التفاصيل

من منا حرا بمعنى صادق للكلمة ! ومن منا لايقاوم سجن روحه داخل بدنه ؛ فكما قال شمس التبريزي “السجنُ ليس سياجًا وأسوارًا.

فقد يكون فكرة، وقد يكون لحظةً زمنية، وقد يكون شخصًا.”. بالفعل كلنا مسجونين بين أشياء قد تكون فكرة او وميض زمنى وأيضا أشخاصا . 

السجن ليس مجرد سياجا واسوارا بل انه حائط داخلي تعيشه ،السجن البشرى هو صناعة ذاتية رسختها الظروف والاحداث والاوضاع .

 فى الصغر صنع الاهل سجنا لأبنائهم من موروثات وتقاليد بعضها لايتناسب مع المرحلة ولا مع طبيعة الأبناء وتكوينهم الطبيعى والعملى ، وفى الكبر استكمل المجتمع بناء وتشييد السجن بعالم كبير من العيب والخطأ والصحيح المغلوط كل ذلك تحت مسمى ” كلام الناس ” فأصبحنا سجناء متأهبين فى أى خطوة نقوم بها أو فعل نصنعه متوقعين وخائفين من مجرد كلمات تقول لنا ” الناس هيقولوا علينا ايه ” واصبح سجن الناس أقوى السجون وأكثرا تقييدا لمجريات حياتنا وتحركاتنا ، فاذا كبرت الفتاة فعليها ان تقبل بأى رجل يتقدم اليها مهما كانت ظروفه ابتعادا عن كلام الناس الذى سيصيبها فى مقتل ويصفها بالعانس وسيزيد على ذلك بكل ماهو سيىء ونافذ ومشين. 

سجن الناس الذى صنعناه بأيدينا وبموروثات بالية وقيم مهترئة هو النافذ فينا والمتحكم فى كل أفعالنا وهو أيضا بوابة المرور والنجاة من كلام المجتمع وناسه وارضائهم حتى لايقال اننا متمردين خارجين عن اطر وضعها الناس واصبحت سجنا صعب الهروب منه أو حتى العيش بين جدرانه لان ذلك يعنى ان تنضم لقائمة صانعو السجون البشرية الحديثة والقديمة معا .

 فى سجن الناس هذا ستجد ان المرأة هى الملامة فى كل صغيرة وكبيرة وأن الرجل هو الكائن الضعيف المرغم الذى تحاك حوله شباك المكائد ويسقط فيها بلا حول له ولاقوة ولذا فتجد ان المجتمع يصفح لزلات الرجال وافعالهم وينصب المشانق والاعدامات للنساء ويصبحن ذات صفات ذميمة قبيحة ولايغفر لهن ابدا اذا فعلن ربع مايفعله الرجال اشاوس العصر وأصحاب الكلمة والطريقة المثلى. 

السجن يمتد ويتسع ليصبح اشخاصا معظمهم اقاربك فهم من يرسمون لك واقعك وطريقك وحياتك كلها ، واذا حاولت ان تعترض على هذه الحياة فالويل لك والحياة المنبوذة التي تفرض عليك فرضا . 

وبعيدا عن السجناء من الأهل والأقارب فقد تسجنك فكرة من بنات أفكارك ابتكرتها وصنعتها وعملت عليها ليلا ونهارا ولكن للأسف تظل الفكرة سجينة لان تنفيذها يعنى خروجا عن الواقع المحكم بعادات وتقاليد وقيم واخلاقيات تنفر من مجرد التجديد حتى وان كان هذا التجديد هادفا ومفيدا ؛ الفكرة تظل حبيسة وسجينة بين تلافيف عقلك لآنك تخاف من سرقتها اذا خرجت للنور ممن لديهم القدرة والمكانة على سرقتها جهارا نهارا وانت بلا حول ولا قوة ، وقد تسجن فكرتك لانك تخاف ان اخرجتها للنور ان ترضخ وتبيعها وتقبض ثمنها لانه لابديل لك الا التنازل عنها لكى تعيش وتقاوم وتستمر فى حياة فرض فيها أصحاب الجاه والسلطان والمال كلمتهم وحاصروا أفكارنا بأصفارهم البنكية وحصونهم البشرية من بودى جاردات وحصانات شرعية وغير شرعية. 

سجن الروح فى البدن سجن يجعلك تنتظر قدوم الليل حتى تتقوقع داخل جسدك وتفرد هذا الجسد المهموم على اريكة متهالكة بحكم الزمن وتنتظر بزوغ يوم جديد تطحن فيه طحنا وينهى بنهايته يوما من حياتك وتعد هذه الايام والسنين منتظرا لحظة انتهاء العمر وخروج الروح من البدن وتحرر الجسد من سجن الروح فيه وتحرر الروح أيضا من العيش بجسد لم يعلم كيف يتحرر من موروثات وتقاليد وقيم وموبقات كثيرة جعلته فى مرحلة عدم الرضا والتأقلم يعيش حتى رحمه الله وحرره من سجن ومن حياة ليست بحياة ولكنها مرحلة تسبق الحياة الفعلية التى ذكرت فى القران الكريم ” ليتنى قدمت لحياتى ” .. كل السجون عبارة عن جدران وإسوار الا سجن الروح فى الجسد فهو من أكثر السجون ألما وحزنا .. اللهم خفف عنا دنيانا واطلق روحنا من ابداننا وارحمنا برحمتك التى وسعت كل شىء..

المصدر / وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى