هدنة السويداء .. مسكن مؤقت أم مقدمة لانفجار شامل؟ | خبراء يوضحون

بعد أيام من الاشتباكات العنيفة في محافظة السويداء، أعلنت السلطات السورية عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين العشائر، لكن على الأرض، لا تزال الأوضاع غير مستقرة، وسط تخوفات من عودة القتال في أي لحظة.

مشاهد العنف المنتشرة على مواقع التواصل، والتقارير عن عمليات تصفية وانتقام، تثير الشكوك حول قدرة الدولة على السيطرة الفعلية.

وفي ظل هذا المشهد المقلق، حذر خبراء سياسيون من أن الهدنة الحالية مجرد خطوة مؤقتة، لا تعالج الأسباب الحقيقية للأزمة، بل تؤجل الانفجار فقط.

خبير سياسي: ما يحدث في سوريا ليس هدنة.. وما يجري تمهيد لانفجار قادم
 

قال الدكتور سعيد الزغبي الخبير في الشؤون السياسية، انه بينما أعلنت السلطات السورية وقفًا شاملًا وفوريًا لإطلاق النار، أرى أن الساحة السورية لا تزال تعج بتقارير مرعبة عن عنف ميداني غير مسبوق، من بينها مقاطع فيديو توثق رمي مدنيين من الشرفات وعمليات تصفية على الهوية، هنا، لا نتحدث عن هدنة، بل عن مشهد متفجر يحاكي ما قبل الحروب الأهلية الكبرى، فهل نحن أمام تهدئة فعلية؟ أم أمام إعادة تموضع للنار؟.

تصعيد غير مسبوق في الجنوب.. وخشية من انفجار شامل

وأوضح الزغبي في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد ان الهدنة جاءت عقب أسبوع دموي في محافظة السويداء، حيث اندلعت اشتباكات بين قوات النظام وميليشيات محلية، تزامن ذلك مع غارات إسرائيلية على مواقع عسكرية سورية، ومن وجهة نظري، هناك خشية متصاعدة من انزلاق الجنوب السوري إلى فوضى واسعة النطاق، قد تؤدي إلى موجات لجوء جديدة وتهديد مباشر للأردن وإسرائيل.

وتابع قائلاً هذه الهدنة ليست نتاج قناعة سياسية بضرورة الحل، بل جاءت كرد فعل على تصعيد ميداني وإعلامي يهدد صورة النظام واستقراره. 

أشار الزغبي إلى ان النظام يخشى تكرار سيناريو درعا عام 2018، حين تحولت المدينة إلى نقطة انطلاق لعصيان مسلح، ولهذا يسعى إلى احتواء الموقف، وقف إطلاق النار جاء متزامنًا مع زيارة دبلوماسية لمسؤول روسي، ما يشير إلى رغبة دمشق في توجيه رسائل تهدئة لحلفائها وشركائها.

3 سيناريوهات محتملة لما بعد الهدنة

قال سعيد يمكننا التكهن بعدة سيناريوهات لما بعد الهدنة:

• السيناريو الأول: فشل كامل للهدنة
تصاعد المواجهات مجددًا، خاصة بعد أي حادث دموي جديد، مع عودة الغارات الإسرائيلية وتوسع الفوضى نحو درعا والسويداء والبادية.

• السيناريو الثاني: تهدئة هشة ومؤقتة
استمرار وقف العمليات الكبرى، لكن مع خروقات متفرقة، واستخدام النظام للهدنة لإعادة بناء تمركزه.

• السيناريو الثالث: تدخل دولي مفاجئ
إدخال مراقبين دوليين أو مبعوث خاص للجنوب السوري، مع اتفاق هدنة أوسع يشمل أطرافًا إقليمية مثل الأردن أو روسيا كضامن.”

سوريا على أعتاب جولة دموية جديدة

واختتم تصريحاته قائلاً أعتقد أن الهدنة كما هي الآن لا تحمل أي مقومات للاستدامة، بل تبدو كمحاولة لتقليل الخسائر الإعلامية والدبلوماسية، الواقع الميداني لا يزال مشتعلاً، والشارع فقد ثقته في أي حلول فوقية لا تضمن أمنه وكرامته، إذا لم تربط الهدنة بآلية تنفيذ فعلية وعدالة انتقالية حقيقية، فإن ما ينتظر سوريا ليس سوى جولة دموية جديدة قادمة لا محالة.

باحث سياسي: سوريا أمام اختبار صعب.. والانقسامات الطائفية تهدّد مستقبلها
 

قال الباحث السياسي الدكتور هاني سليمان مدير المركز العربي للبحوث والدراسات في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد إن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والسيطرة على الأوضاع في السويداء وبين العشائر، برعاية النظام السوري الجديد، يعد تحولًا مهمًا في المشهد، إلا أنه أشار إلى أن الاتفاق جاء بشكل سريع من قبل الدولة السورية، دون أن تتبلور مفرداته بشكل واضح على أرض الواقع.

وأضاف بعض الأطراف ما زالت موجودة، وما زالت تحاول تصعيد الأمر، لا توجد سيطرة كاملة من الدولة والنظام السوري الجديد على السويداء أو على بعض المناطق في الداخل السوري، وهذا يشكل إشكالية تتعلق بقدرة الدولة وسيادتها وبسط نفوذها.
 

وأشار إلى أن المشهد السوري حاليًا يعاني من آفة طائفية وعرقية قد تشكل ضغطًا كبيرًا على مستقبل الدولة، في ظل محاولات لاختطاف الدولة وتحويلها إلى معارك طائفية واستقطابات، مؤكدًا أن “بعض الأطراف الخارجية تحاول الدفع في هذا الاتجاه، ومعها بعض القوى الداخلية التي تستفيد بطبيعة الحال من استمرار حالة الاضطراب وعدم الاستقرار.

وشدد على أن سرعة الوصول إلى الاتفاق، وعدم وجود ضمانات حقيقية لتطبيق بنوده على الأرض، يشكل تحديًا إضافيًا”، مضيفًا: “أرى أن هناك تحركات وتحفزًا وحشدًا من أطراف مختلفة، وقد يؤدي ذلك إلى تدهور الأوضاع في أي وقت”.
 

وأوضح “سليمان” قائلًا: ما يحدث يعيدنا إلى مسألة الاندماج الوطني، هناك قوى أساسية كانت تشكل جزءًا مهمًا من الجسد السوري، تعرضت للتهميش لسنوات طويلة، في ظل غياب العدالة، والاستبداد، والاستئثار بالسلطة، كل هذه الأمور أدت إلى ما نحن فيه، ودفعت بعض القوى إلى محاولة الانتقام وتصفية الحسابات، ولا توجد عدالة انتقالية حقيقية، كما أن المواطنة لا تزال غائبة بشكل كبير.
 

وأضاف هذه الأزمة ليست جديدة، شهدناها في الساحل مع العلويين، وفي الحسكة مع الأكراد، والآن في السويداء مع الدروز، وربما تنتقل إلى مناطق أخرى مثل وادي النصارى لدى المسيحيين، أو إلى درعا ودمشق حيث الأغلبية السنية،تقسيم  المناطق بهذه الطريقة، وفقًا لتجاذبات طائفية وتصفية حسابات وتحفز، بعيدًا عن مفهوم الدولة الحديثة، يشكل تهديدًا حقيقيًا، هذا الاتفاق هو مجرد مسكن مؤقت، لكنه لا يعالج جذور الأزمة.
 

وأكد أن وجود السلاح خارج إطار الدولة، واستمرار وجود الميليشيات والقوى المسلحة، إلى جانب غياب التمثيل السياسي الحقيقي وعدم استيعاب كافة الأطياف السياسية، جميعها تحديات ستعيق مسار المرحلة الانتقالية والوصول إلى دولة مستقرة.
 

واختتم سليمان تصريحاته بالإشارة إلى المشاهد الدامية التي وثقتها مقاطع الفيديو الأخيرة مجموعة الفيديوهات التي وثقت مشاهد عنف كبيرة، كانت مشاهد مخيفة ومرعبة، تؤكد أن هناك تحديات جسيمة أمام الدولة السورية، وتظهر أن العنف لا يزال مستعصيًا في كثير من المناطق، وأن هناك عمليات تصفية حسابات وانتقام. كما أن بعض الأطراف الخارجية لا تزال تغذي هذه النزاعات وتحاول اختطاف الدولة.
 

وأضاف أرى أن على الجميع الآن أن يضع مصلحة الدولة السورية فوق كل اعتبار، بعيدًا عن هذه المجازر الدموية والأعمال التي تجسد حالة من التعصب الشديد والعنصرية المركبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى