«نتنياهو رسول والمسيح اقترب».. هوس وجنون نهاية العالم يجتاح إسرائيل
تشهد إسرائيل في الآونة الأخيرة تصاعدًا غير مسبوق للخطاب الديني المتطرف داخل أوساط ما يعرف بالمجتمع القومي الأرثوذكسي المتشدد (الهاردالي)، حيث باتت الحروب في غزة ومع إيران تفسر من قبل قادة هذا التيار على أنها تدخل إلهي مباشر يمهد الطريق لقدوم عصر الخلاص، بل إن بعض كبار الحاخامات لم يترددوا في إعلان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو “مبعوثًا إلهيًا” يقود الأمة اليهودية نحو الخلاص المنتظر.
وبحسب تحقيق نشرته صحيفة “هآرتس”، فإن هذا التيار الذي يجمع بين النزعة القومية المتطرفة والتدين الصارم، يرى في المعارك الدائرة حاليًا أحداثًا خارقة ومعجزات علنية تؤكد اقتراب ظهور المسيح.
نتنياهو المنقذ
ويعتبر الحاخامات أن اليهود يشهدون لحظة تاريخية لم تعد فيها لغة الأمن والسياسة قادرة على تفسير ما يحدث، إذ طغى الحديث عن المعجزات والعلامات السماوية على كل خطاب آخر.
ومن اللافت أن نتنياهو نفسه بدأ في استخدام مفردات دينية غير مألوفة في خطابه السياسي، حيث ظهر خلال زيارته لحائط البراق وسط الحرب مع إيران وهو يتلو صلوات خاصة ليس فقط من أجل إسرائيل، بل ومن أجل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معتبرًا إياه حليفًا في المعركة الكونية ضد الشر والظلام.
وصرح الحاخام يجال ليفنشتاين، أحد أبرز قادة التيار الهاردالي، صراحة بأن ما تشهده إسرائيل من حروب وتطورات هو جزء من “زلزال إلهي عالمي” هدفه كشف “الشر المطلق” الذي يعادي إسرائيل.
وأضاف قائلًا: “نحن جيل أعطي له شرف رؤية ما كان يحلم به الأنبياء.. ومن يستطيع أن يوقفنا؟”.
أما الحاخام إيلياكيم ليفانون، فيرى أن “خطة إلهية كبرى” بدأت مع أحداث 7 أكتوبر، حيث اعتبر أن المجازر التي وقعت حينها ليست سوى خطوات إلهية لكشف أخطاء الأمة اليهودية وإيقاظها من غفلتها.
كما أعلن أن حساباته المستندة إلى تعاليم “جاؤون فيلنا” أشارت إلى أن عصر “السلام” – الذي يعني في المفهوم الديني نهاية الحروب وبداية عصر الخلاص – بدأ في اليوم ذاته الذي اندلعت فيه الحرب مع إيران، أي 13 يونيو 2025.
ويشارك الحاخام شموئيل إلياهو، أحد قادة التيار، هذه الرؤية، مؤكدًا أن الفترة الحالية هي “مرحلة تطهير العالم من أعداء إسرائيل”، في إشارة إلى الحرب مع إيران وحركة حماس في غزة.
عصر المعجزات
وفي مقالاتهم وخطبهم، لم يتردد حاخامات آخرون مثل داني لافي وحجاي لوندي في وصف المرحلة بأنها “عصر المعجزات”، حيث أكدوا أن “المسيح بات على الأبواب” وأن ما يحدث اليوم هو تجسيد لنبوءات قديمة تُحقق أمام أعين هذا الجيل.
أما نتنياهو، فرغم الشكوك حول إيمانه الشخصي بهذه المفاهيم، بات يتبنى هذا الخطاب علنًا، مما يعكس اندماجًا متزايدًا بين السلطة السياسية والتيارات الدينية المتطرفة، وهو تطور خطير قد يعيد تشكيل مستقبل إسرائيل بالكامل، وفقًا للصحيفة.
ذهب الحاخام درور أرييه، المقرب من حزب “نوعام” المتطرف، أبعد من ذلك عندما وصف نتنياهو في رسالة مفتوحة بـ”الصخرة الثابتة وسط العاصفة”، مؤكدًا أن اختياره لم يكن عبر صناديق الاقتراع فقط، بل بـ”إرادة إلهية” تهدف إلى إيقاظ “الأسد النائم” في الأمة اليهودية.
حاخامات آخرون لم يترددوا في التلميح إلى أن نتنياهو يجسد شخصية “المسيح بن يوسف”، الذي يمهد الطريق لقدوم المسيح الحقيقي.
هذا الخطاب التصعيدي يوضح أن الحديث داخل هذه الأوساط لم يعد يناقش الأمن القومي أو السياسة بمفاهيم تقليدية، بل بات محكومًا بنظرة دينية-أبوكاليبسية تضع الحرب ضمن “مخطط سماوي” يقود إلى نهاية الزمان وبداية عصر الخلاص.